السعودية وباكستان توقعان اتفاقية للدفاع الاستراتيجي المشترك
في خطوة جديدة تعكس عمق العلاقات التاريخية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية باكستان الإسلامية، وقعت الدولتان يوم الأربعاء اتفاقية شاملة للتعاون في مجال الدفاع الاستراتيجي المشترك، وذلك خلال زيارة رئيس وزراء باكستان محمد شهباز شريف إلى الرياض ولقائه بولي العهد السعودي ورئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود.
تفاصيل اللقاء
ووفقًا لما نقلته وكالة الأنباء السعودية “واس”، فقد جرى خلال اللقاء بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وبالأخص في الجانب الدفاعي والأمني. وأكد الطرفان أن الاتفاقية تأتي في وقت يشهد فيه العالم تحديات أمنية متزايدة، ما يستدعي تعاونا أوثق بين الحلفاء والشركاء لضمان الاستقرار والسلام.
وقد وقع ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء الباكستاني على الاتفاقية، التي تهدف إلى تعزيز قدرات الردع المشتركة وتطوير آليات التعاون العسكري بين الجيشين السعودي والباكستاني، بما يشمل التدريب، وتبادل الخبرات، والمناورات المشتركة، إضافة إلى التنسيق في مجالات الصناعات الدفاعية الحديثة.
مضمون الاتفاقية
وأوضح بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء الباكستاني أن الاتفاقية الجديدة تعد نقطة تحول مهمة في مسار العلاقات الدفاعية بين البلدين، إذ تنص بشكل واضح على أن أي اعتداء تتعرض له إحدى الدولتين سيُعتبر اعتداءً على الأخرى، وهو ما يعكس التزامًا صريحًا بالدفاع المشترك وتعزيز الأمن الإقليمي.
ويهدف الاتفاق أيضًا إلى توسيع نطاق التعاون الدفاعي ليشمل مجالات الأمن السيبراني، ومكافحة الإرهاب، وحماية الممرات البحرية الحيوية التي تمثل شريانًا رئيسيًا للتجارة العالمية وإمدادات الطاقة.
أهمية الاتفاقية
يرى مراقبون أن توقيع هذه الاتفاقية يأتي في إطار حرص البلدين على توطيد شراكتهما الاستراتيجية، خاصة في ظل ما يشهده العالم من صراعات جيوسياسية وتحديات أمنية متصاعدة في المنطقة والعالم. ويُنظر إلى السعودية كقوة إقليمية مؤثرة في الشرق الأوسط، بينما تمتلك باكستان جيشًا يُعد من أقوى الجيوش في جنوب آسيا، بالإضافة إلى قدراتها النووية، مما يجعل هذا التعاون الدفاعي ذا بعد استراتيجي عميق.
كما يبعث الاتفاق برسالة واضحة إلى القوى الإقليمية والدولية مفادها أن البلدين يسعيان إلى بناء جبهة موحدة لمواجهة أي تهديدات محتملة، وضمان أمن المنطقة واستقرارها.
العلاقات التاريخية بين البلدين
وتُعد العلاقات السعودية الباكستانية من أعمق العلاقات الثنائية في العالم الإسلامي، حيث يرتبط البلدان بروابط دينية وثقافية واقتصادية راسخة. وتستضيف المملكة أكثر من مليوني باكستاني يعملون في مختلف المجالات، كما تقدم دعمًا متواصلًا لباكستان في مجالات الطاقة والاستثمار والتنمية.
وعلى المستوى العسكري، شهدت العقود الماضية تعاونًا ملحوظًا بين الجيشين، من خلال تدريبات مشتركة ومشاركة قوات باكستانية في حماية بعض المواقع الاستراتيجية بالمملكة.
تصريحات المسؤولين
من جانبه، أعرب رئيس الوزراء الباكستاني محمد شهباز شريف عن تقديره لقيادة المملكة، مشيرًا إلى أن الاتفاقية تمثل نقلة نوعية في مسيرة التعاون بين البلدين، وتعكس الرغبة الصادقة في مواجهة التحديات المشتركة. كما أكد أن باكستان تعتبر السعودية شريكًا استراتيجيًا وصديقًا موثوقًا.
أما ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، فقد شدد على أن الاتفاقية تأتي في إطار سياسة المملكة الرامية إلى تعزيز شراكاتها مع الدول الصديقة، وأنها تعكس التزام الرياض بحماية أمنها وأمن حلفائها، بما يسهم في تحقيق الأمن والسلم على المستويين الإقليمي والدولي.
البعد الدولي
ويرى محللون أن هذه الاتفاقية ستلقى صدى واسعًا في المجتمع الدولي، خاصة لدى القوى الكبرى التي تتابع باهتمام التطورات في منطقة الخليج وجنوب آسيا. فمن شأن هذا التعاون أن يسهم في موازنة القوى بالمنطقة، ويعزز من قدرة البلدين على مواجهة التحديات، سواء تلك المتعلقة بالإرهاب أو الأمن البحري أو حتى الهجمات السيبرانية.
خاتمة
في النهاية، يمكن القول إن توقيع اتفاقية الدفاع الاستراتيجي المشترك بين السعودية وباكستان لا يُمثل مجرد ورقة تفاهم عابرة، بل هو تحالف استراتيجي طويل الأمد يُتوقع أن يُعيد رسم ملامح التعاون العسكري في المنطقة. ومع التزام الطرفين بتفعيل بنود الاتفاقية على أرض الواقع، يبدو أن العلاقات بين الرياض وإسلام أباد مقبلة على مرحلة جديدة من التكامل والشراكة، تضع الأمن المشترك في صدارة أولوياتهما.
“وقعت السعودية وباكستان اتفاقية تاريخية للدفاع الاستراتيجي المشترك بهدف تعزيز التعاون العسكري والأمني ومواجهة التحديات الإقليمية والدولية، مما يعكس عمق الشراكة بين البلدين.”